بحث جديد الذي نشر في المجلة العلمية المرموقة Lancet أظهر العلاقة بين أضرار السمنةالمفرطة وزيادة خطر تطوير أمراض السرطان المختلفة. اليكم الدراسة ونتائجها:

الزيادة في عدد الاشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة تقلق الكثير من الخبراء في المجتمع الطبي. فقد ادى نمط الحياة الغربية اليوم الى تزايد اعداد الناس الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة المفرطة، ونتيجة لذلك هناك زيادة مستمرة في معدلات الاعتلال والوفيات. اذ تتسبب السمنة بحوالي 3.4 مليون وفاة سنويا حول العالم، كما ترتبط السمنة وزيادة الوزن بـ 44% من مرض السكري و23% من مرض القلب الاقفاري (congestive heart failure)، وغيرها من الامراض الاخرى مثل ضغط الدم المرتفع وارتفاع مستوى الكوليسترول، امراض القلب، السكتة الدماغية، واظهرت الدراسات حديثا، وجود صلة بين اضرار السمنة والاورام الخبيثة المختلفة ايضا.

فيما يلي اهم الحقائق والمعطيات عن السمنة عالميا، حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية – WHO:

  • منذ العام 1980 تضاعفت اعداد المصابين بالسمنة عالميا.

  • في عام 2008 وصل عدد ذوي الوزن الزائد (overweight) الى اكثر من 1.4 مليار شخصا بالغا، كان منهم 200 مليون رجلا و 300 مليون امراة يعانون من السمنة المفرطة (Obeseity).

  • في عام 2008: 35% ممن هم فوق الـ 20 من عمرهم كانوا اصحاب وزن زائد و 11% عانوا من السمنة المفرطة.

  • في عام 2012: عانى اكثر من 40 مليون طفلا تحت عمر الخامسة من الوزن الزائد.

تعتبر حاسبة مؤشر كتلة الجسم “BMI- Body Mass Index” اداة لتقييم الوزن حيث تقوم بفحص العلاقة بين طول ووزن الجسم، وتكون المعادلة كما يلي:

مؤشر كتلة الجسم “BMI”= (الطول بالمتر X الطول بالمتر) /وزن الجسم بالكيلوجرام وان كانت النتيجة:

  •  دون الـ 18,5 – نقص في الوزن

  •  بين 18,5 و 24,9 – يكون الوزن طبيعي

  •  بين 25 و 29,9 – يكون الوزن زائد

  •  من 30 وما فوق – سمنة مفرطة.

السمنة في الدول العربية

تندرج دول عربية مختلفة دائما في مقدمة قائمة اعلى نسب السمنة عالميا، حيث نجد ان اعلى نسبة سمنة لدى النساء في العالم في كل من مصر، المملكة العربية السعودية، عمان، هندوراس والبحرين. اما لدى الرجال، فكانت في نيوزيلندا، البحرين، الكويت، المملكة العربية السعودية والولايات الامريكية المتحدة.

يعيش اكثر من نصف الناس التي تعاني من السمنة والوزن الزائد في: الولايات المتحدة الامريكية، الصين، الهند، روسيا، البرازيل، المكسيك، مصر، المانيا، باكستان واندونيسيا.

في حين ظهرت اعلى مستويات زيادة الوزن والسمنة للبالغين في العالم العربي، حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية، في: مصر، البحرين، الاردن، الكويت، المملكة العربية السعودية والامارات. ويتراوح معدل انتشار زيادة الوزن والسمنة في هذه البلدان من 74٪ الى 86٪ لدى النساء و 69٪ الى 77٪ لدى الرجال.

السمنة والسرطان

اظهرت دراسة اجريت في بريطانيا، نشرت في المجلة العلمية المرموقة Lancet، العلاقة بين اضرار السمنة المفرطة والامراض الخبيثة من خلال استخدام قاعدة بيانات ضخمة، حول العلاقة بين السمنة والامراض السرطانية. بالاضافة الى ذلك، اظهرت الدراسة وجود صلة مباشرة بين قيم الـ BMI وخطر الاصابة بالسرطان، وكلما كانت هذه القيم اعلى فان مخاطر الاصابة بالامراض السرطانية المختلفة ترتفع. زيادة الوزن ترتبط بانواع السرطان الشائعة اكثر، مثل سرطان الثدي، سرطان الرحم وسرطان القولون، ولكن ايضا للامراض الخبيثة الاقل شيوعا، مثل سرطان الكلى، سرطان الغدة الدرقية، سرطان الكبد، سرطان المرارة، سرطان الدم وامراض اخرى. في نهاية المطاف، اثبت الباحثون وجود علاقة مع 22 نوعا من امراض السرطان، وخلاصة الابحاث هذه اثبتت ان السمنة تشكل عامل خطر كبير لتطور السرطان.

 

وجدت الدراسة ان كل زيادة 5 كغم\متر مربع من مساحة جسم مرتبطة بارتفاع الخطورة للاصابة بسرطانات معينة، وكانت مخاطر الاصابة كالتالي:

  •  62% خطر الاصابة بسرطان الرحم

  •  31% خطر الاصابة بسرطان المرارة

  •  25% خطر الاصابة بسرطان الكلى

  •  19% خطر الاصابة بسرطان الكبد

  •  10% خطر الاصابة بسرطان عنق الرحم

  •  10% خطر الاصابة بسرطان القولون

  •  9% خطر الاصابة بسرطان الغدة الدرقية

  •  9% خطر الاصابة بسرطان الدم

  •  9% خطر الاصابة بسرطان المبيض

  •  5% خطر الاصابة بسرطان الثدي

كما وكشفت الدراسة عن علاقة عكسية بين الاصابة بسرطان البروستاتا وسرطان الثدي المبكر مع مؤشر كتلة الجسم، بمعنى انه قلت نسبة الاصابة بهذه السرطانات مع زيادة الوزن – دون التطرق للسبب في ذلك. ومن ناحية اخرى، لم يلاحظ اي علاقة عند غير المدخنين بين زيادة الوزن وارتفاع الاصابة بسرطانات الرئة وتجويف الفم.

كيف “تنتج” السمنة المفرطة السرطان؟

في السنوات الاخيرة نشرت العديد من الدراسات التي حاولت اثبات وجود علاقة بيولوجية بين اعراض السمنة المفرطة وبين تطور الاورام السرطانية. على ما يبدو، فان دمج عوامل هرمونية وافراز عوامل مختلفة المرتبطة بالانسجة الدهنية يساهم بشكل كبير في تطور هذه الاورام. بالاضافة الى ذلك، نمط الحياة الغير صحي والذي يتضمن بالاساس اتباع نظام غذائي غير صحي والاهمال الصحي يمكنه ايضا ان يزيد من خطر الاصابة بالسرطان لدى الاشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن.

هناك عدة اليات لتاثير السمنة على مخاطر تطور الاورام السرطانية:

  • افراز الاستروجين: الانسجة الدهنية تفرز كميات كبيرة من هرمون الاستروجين، الذي يرتبط بتطور سرطان الثدي، سرطان الرحم وانواع اخرى من الاورام. التاثير الهرموني للسمنة كان معروفا منذ سنوات، واثبت في الماضي ايضا انه يرتبط بالنضج الجنسي المبكر لدى الفتيات وباضطرابات صحية اخرى.

  • زيادة في مستوى الانسولين: زيادة الوزن ترتبط بمستويات عالية من هرمون الانسولين وهرمون الـ IGF-1) insulin-like growth factor). وقد ثبت ان هذه الهرمونات تؤثر على نمو الاورام، وتساهم في تطورها.

  • الهرمونات وعوامل النمو الاخرى: بالاضافة الى الهرمونات التي ذكرت سابقا، فان هرمونات اخرى التي تفرزها الانسجة الدهنية يمكن ان تؤثر على تطوير الاورام المختلفة. هرمون الليبتين، الذي يفرز في الخلايا الدهنية، يشجع على تكاثر الخلايا السرطانية. من ناحية اخرى، هرمون اخر الذي يدعى اديبونيكتين ويفرز بمستويات مرتفعة خصوصا لدى الاشخاص النحيفين، لديه خصائص مضادة لتكاثر الخلايا. بالاضافة الى ذلك، الخلايا الدهنية تفرز عوامل مختلفة (مثل M-TOR و AMP-activated protein kinase)، التي يمكن ان تؤدي ايضا الى تطور السرطان.

  • نمط حياة غير صحي: في كثير من الحالات، الاشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن يميلون الى اتباع نمط حياة غير صحي، والذي يشمل عادات ضارة مثل التدخين، شرب الكحول، الخ، والتي تزيد من خطر الاصابة بالامراض الخبيثة المختلفة.

  • التغذية: اضرار السمنة المفرطة مرتبطة بالتغذية غير السليمة وبتناول طعام غير الصحي. في كثير من الحالات، فالاطعمة السريعة والمصنعة تحتوي على مواد كيميائية مختلفة والتي يحتمل ان يؤدي بعضها الى تطور الامراض الخبيثة (مواد مسرطنة). بشكل عام، يوصى بالحرص على تناول الغذاء الصحي والبيتي، والتقليل من تناول الاطعمة المصنعة.