لكن لا تقلقوا يمكنكم التخفيف من اعراضه.. وننصحكم باتباع الإرشادات الصحية التي تساعد على منع العدوى والإصابة

مع اقتراب فصل الشتاء يبدا مرض الزكام بالانتشار، وتزداد الشكوى في كل مكان من العطاس، السيلان الانفي والسعال ويكاد لا يخلو منزل او مكان عمل من شخص مصاب او اكثر، والزكام وان كان مرضا بسيطا لكنه مزعج باعراضه وله نتائج اقتصادية هامة، كما يمكن ان يكون له مضاعفات غير مرغوبة عند الاطفال خاصة الصغار.
يعتبر الزكام (او الرشح) اكثر الامراض شيوعا التي تصيب الانسان خاصة الاطفال، وتدل الاحصائيات على ان الاطفال يصابون بالزكام 3-8 مرات سنويا ويرتفع العدد الى 12 مرة عند الاطفال الصغار في دور الحضانة، اما البالغون والمراهقون فيصابون حوالي 7 مرات سنويا، كما يعتبر الزكام اكثر الاسباب شيوعا للتغيب عن المدرسة او العمل، حيث يسبب سنويا في امريكا 25 مليون يوم عطلة عن المدرسة و 21 مليون يوم غياب عن العمل، وهو يشكل 7% من نسبة كل الزيارات الى اطباء الاطفال واطباء العائلة. وتشير الاحصائيات الى ان الامريكيين ينفقون سنويا اكثر من بليوني دولار على الادوية التي تصرف لعلاج اعراض الزكام.

ما الذي يسبب الزكام؟

الزكام مرض فيروسي وهناك اكثر من 200 فيروس يمكن لها ان تسبب الزكام، وتشكل الفيروسات الانفية اكثر من ثلث هذه الفيروسات، وقد تم التعرف حتى الان على اكثر من 100 فرد من افراد عائلة الفيروسات الانفية. والحقيقة ان العدد الكبير للفيروسات المسببة للزكام يفسر تكرار الاصابة بالزكام عند الشخص اكثر من مرة. ومن الفيروسات الاخرى المسببة للزكام الفيروسات التاجية ونظيرة النزلة الوافدة (Parainfluenza) والفيروسات التنفسية (RSV).

 كيف تنتقل فيروسات الزكام؟

يعتبر الاطفال المستودع الاكبر لفيروسات الزكام، وهم يكتسبون الفيروس على الغالب من طفل اخر في المدرسة او الحضانة ويؤدي دخول فيروس جديد الى المدرسة او الحضانة الى اصابة حوالي ثلثي الاطفال.
ويعتبر الزكام مرضا تنفسيا وهو ينتقل من شخص لاخر بالطرق التالية:

  1.  الرذاذ الناجم عن الكلام، السعال او العطاس:
    يكفي ان نعرف ان عطاس الشخص المصاب يؤدي الى انتشار الفيروس لمسافة 4 امتار وان الفيروسات الانفية تبقى حية معلقة في الهواء لعدة ساعات.
  2. التماس مع مفرزات المريض او الاشياء الملوثة:
    يؤدي عطاس الشخص المصاب او سعاله الى نشر الرذاذ حوله وتوضعه على الاشياء المحيطة به كالطاولة والاقلام والكاس .. الخ، وتبقى الفيروسات الانفية في هذا الرذاذ قادرة على اصابة الاشخاص الاخرين لمدة 3 ساعات. فاذا لمس الطفل السليم هذه الادوات الملوثة ثم لمس انفه او فمه او فرك عينيه ادى ذلك الى دخول الفيروس الى جسمه واصابته بالزكام.
  3.  من الطرق الهامة لانتقال الزكام من شخص لاخر هي المصافحة:
    حيث تكون يدا الشخص المريض ملوثتين غالبا بالفيروس الذي ينتقل الى شخص اخر عند المصافحة، كذلك يلجا البعض عند السلام على الاخرين الى معانقتهم او تقبيل الاطفال الصغار اظهارا لمحبتهم ومودتهم وهذه الطرق كلها تساهم في انتشار الزكام واصابة الاخرين بالعدوى.
  4. استخدام الادوات الشخصية للمريض: 
    مثل المنشفة او الملعقة او كوب الماء.

 ما هي العوامل المؤهبة للاصابة بالزكام؟

1. العمر: يتعرض الاطفال للاصابة بالزكام اكثر من الكبار لانهم لم يطوروا مقاومة مناعية لمعظم الفيروسات التي تسبب الزكام، كذلك فهم يقضون معظم اوقاتهم مع رفاقهم ولا يهتمون باتباع القواعد الصحية مثل غسيل اليدين لذلك يتعرضون للاصابة بالزكام مرات عديدة في السنة.
2. الازدحام: يسهل الازدحام انتقال فيروس الزكام من شخص لاخر خاصة عند الاطفال لذلك نجد الزكام منتشرا في دور الحضانة والمدارس (يصاب الاطفال في دور الحضانة حوالي 12 مرة سنويا).
3. الجو البارد: يعتقد العديد من الناس وحتى بعض الاطباء ان الجو البارد او النوم في العراء او التعرض لهواء المكيف يضعف مناعة الشخص ويساعد على الاصابة بفيروسات الزكام، والحقيقة لا يوجد دليل علمي يؤيد هذا الاعتقاد رغم ما نشهده من انتشار كبير لحالات الزكام في اشهر البرد.
4. التدخين والتدخين السلبي: اي تعرض الاطفال والاشخاص الاخرين غير المدخنين لدخان السجائر بشكل مستمر كما هو الحال اذا كان احد افراد الاسرة مدخنا.
هناك عوامل اخرى تساعد على انتشار الزكام ومنها تدني مستوى الدخل، الشدة النفسية، الحساسية الانفية، سوء التغذية وضعف المناعة بشكل عام.

ما هي اعراض الزكام ؟

تبدا اعراض الزكام بالظهور بعد 2-3 ايام من التقاط العدوى، واول الاعراض هي التهيج الانفي وحس التخريش في الحلق وخلال عدة ساعات يبدا السيلان الانفي ويحدث الم الحلق، ثم تتطور الاعراض وتزداد المفرزات الانفية ويحدث العطاس وقد تحدث حمى خفيفة مع صداع خفيف.
تصبح المفرزات في اليوم الثاني او الثالث سميكة ويتحول لونها الى الاصفر او الاخضر ويصبح انسداد الانف اكثر وضوحا. قد تحدث بحة الصوت احيانا مع السعال خاصة السعال الليلي الناجم عن سيلان المفرزات الانفية من القسم الخلفي للانف باتجاه البلعوم والحنجرة.
تكون اعراض الزكام اكثر شدة عادة في الحالات التالية:

  • عند الاطفال خاصة الاطفال الرضع حيث يمكن ان تحدث لديهم الحمى مع صعوبة الرضاعة والقلق وصعوبة النوم والتقيؤ خاصة بعد السعال كذلك قد يحدث اسهال خفيف.
  • المدخنون الذين تكون الاعراض لديهم اشد وتستمر فترة اطول اضافة الى كونهم اساسا معرضين للاصابة بالزكام اكثر من غيرهم.
  • الاشخاص المصابون بامراض مزمنة (مثل الربو والحساسية الانفية).

تشفى معظم حالات الزكام خلال اسبوع (3-10 ايام) وقد يستمر الزكام احيانا لمدة اسبوعين. ويكون الشخص المصاب معديا بشدة خلال الايام الثلاثة او الاربعة الاولى وقد يبقى معديا لمدة 3 اسابيع.

ما هي المضاعفات الناجمة عن الزكام؟

قد تحدث بعض المضاعفات نتيجة الزكام خاصة عند الاطفال وهي:
1. التهاب الاذن الوسطى: وهو اكثر مضاعفات الزكام شيوعا ويحدث عندما تدخل الجراثيم الى الفراغ خلف غشاء الطبل، ويشتكي الاطفال المصابون بالتهاب الاذن الوسطى من الم شديد (الاطفال الصغار يبكون بشدة او يشدون اذانهم)، وقد تخرج مفرزات صفراء او خضراء من الاذن وهذا يعني تمزق غشاء الطبل ويؤدي ذلك الى تخفيف الضغط في الاذن وتخفيف الالم لكن الطفل ما زال بحاجة لزيارة الطبيب.
2. التهاب الجيوب الانفية.
3. التهاب البلعوم الجرثومي، التهاب القصبات والتهاب الرئة.

متى نلجا للطبيب؟

  • الشعور بان اعراض الزكام تسوء بدلا من التحسن.
  • وجود الحمى مع التعرق والقشعريرة والسعال المنتج للقشع (يدل ذلك على ذات الرئة).
  • الحمى العالية التي تتجاوز 39.3 درجة مئوية.
  • اذا كان الطفل مصابا بمرض تنفسي مزمن (مثل الربو) فانه يسوء عند الاصابة بالزكام.
  •  حدوث اعراض غير عادية عند الطفل مثل التقيؤ، الم البطن، الصداع الشديد، النوم غير العادي، صعوبة التنفس، البكاء المستمر وتورم العقد اللمفاوية والم الاذن.
  •  اذا لم تتحسن الاعراض خلال 10 ايام.

كيف نعالج الزكام؟

لا تفيد المضادات الحيوية في معالجة الزكام لانه مرض فيروسي والمضادات الحيوية لا تفيد الا في الامراض الناجمة عن الجراثيم، كما ان استخدام المضادات الحيوية بشكل عشوائي ودون استشارة الطبيب يؤدي الى نمو سلالات عديدة من الجراثيم الشائعة المقاومة لهذه المضادات. لكن قد يصف الطبيب المضادات الحيوية عند الضرورة (وجود التهاب الاذن الوسطى او التهاب الجيوب).
لا يوجد علاج يشفي من الزكام ومع ذلك يعتبر الزكام اكثر الاسباب شيوعا لزيارة الطبيب، وهناك العديد من الادوية المستخدمة بكثرة يمكن لها ان تخفف الاعراض لكنها لا تشفي ولا تسرع الشفاء. ومن هذه الادوية مضادات الهستامين التي تخفف سيلان الانف (قد تسبب النعاس) ومضادات الاحتقان (البسودوافدرين) وهذه الادوية تباع دون وصفة طبية، وان فائدة هذه الادوية مشكوك بها عند الاطفال.
يعتبر انسداد الانف من الاعراض المزعجة جدا خاصة عند الاطفال، ويمكن التخفيف من الانسداد باستخدام القطرات الانفية المزيلة للاحتقان، ولكن يجب التنبيه الى انه لا يجوز استخدامها اكثر من 3 ايام لان الانف يصبح معتادا عليها عند الاستخدام المديد ويسوء الانسداد عند ايقافها، ويمكن استخدام قطرات المحلول الملحي عند الاطفال حيث تساعد هذه القطرات على خروج المفرزات الانفية وتخفيف الانسداد وتحريض العطاس.
يمكن اعطاء المسكنات الخفيفة مثل الايبوبروفن والاسيتامينوفين (السيتامول) لتخفيف الحمى، الصداع والالم العضلي، ويجدر بالذكر انه لا يجوز استخدام الاسبرين عند الاطفال بسبب احتمال حدوث ما ندعوه متلازمة راي (Reye Syndrome) وهي حالة خطيرة تسبب فشلا كبديا.
 الاكثار من شرب السوائل (8 اكواب يوميا) لتعويض السوائل التي تضيع مع التعرق والمفرزات الانفية، مع ضرورة تجنب الكافئين (القهوة – المشروبات الغازية) لانه يؤدي للادرار وحدوث التجفاف عند الطفل.
الغرغرة بالماء الدافئ المالح عدة مرات يوميا او شرب الماء الدافئ المضاف له قليل من العسل والليمون حيث يؤدي ذلك الى تخفيف الم الحلق وجفافه.
ابقاء الغرفة دافئة ورطبة ويمكن اذا كان الهواء جافا استخدام المبخرات (Vaporizer) التي ترطب الهواء وتساعد على التخلص من الاحتقان والسعال.
ان فيتامين C ورغم الاعتقاد الشائع بفائدته في علاج الزكام فان الدراسات العلمية لم تثبت ذلك.

ما هي طرق الوقاية من الزكام ؟

لا يوجد لقاح فعال يقي من الزكام بسبب كثرة عدد الفيروسات المسببة وهناك بعض الارشادات الصحية التي تساعد على منع العدوى والاصابة واهمها:

  • الابتعاد عن الاشخاص المصابين بالزكام او تجنب التماس المديد معهم.
  • غسل اليدين عدة مرات في اليوم مع ضرورة تعليم الاطفال اهمية غسل اليدين.
  • غسيل العاب الاطفال المصابين بالزكام.
  • الابتعاد عن الاماكن المزدحمة والاماكن التي يكثر فيها التدخين.
  • استخدام المنديل عند العطاس او السعال والتخلص منه مباشرة.
  • عدم استخدام الادوات الشخصية للشخص المصاب بالزكام مثل المنشفة، الملعقة او كاس الشرب.
  • ارتداء الكمامة عند اصابة الاب او الام بالزكام حتى لا تنتقل العدوى للاطفال مع ضرورة الامتناع عن تقبيل الاطفال الصغار.
  • ممارسة الرياضة بانتظام مع تناول الغذاء المتوازن والراحة الكافية فكل ذلك يساعد على تقوية المناعة.

 الخلاصة:
الزكام مرض بسيط يشفى لوحده ينجم عن عدد كبير من الفيروسات وينتقل من شخص لاخر عن طريق العطاس، السعال والمصافحة.
لا تفيد الصادات (المضادات الحيوية) في الوقاية من الزكام كما لا تفيد في المعالجة، ولا يوجد لقاح فعال. تستخدم ادوية عديدة لتخفيف اعراض الزكام لكنها لا تشفي من الزكام ولا تقلل مدته، ويساعد اتباع الارشادات الصحية في التخفيف من انتشار الزكام.