جفاف العين هو احد الحالات الأكثر شيوعا في جسم الإنسان. وهو يحدث في كل الأعمار وانتشاره يزيد مع التقدم في السن. ما سبب جفاف العين؟ وهل من طرق للعلاج؟

جفاف العين هو احد الامراض الاكثر شيوعا في طب العيون. وفقا لدراسات مختلفة فان نسبة انتشاره بين السكان هي حوالي 15٪، في حين ان نسبة انتشاره بين واضعي العدسات اللاصقة تزيد الى حوالي 50٪. كذلك وجد ان الشكاوى المتعلقة بجفاف العين تشكل معا السبب الثاني من حيث نسبة شيوعه من بين شكاوى الناس في عيادات طبيب العيون.

هناك طرق مختلفة وفعالة لعلاج جفاف العين، وفي معظم الحالات يمكن تخفيف الاعراض بشكل ملحوظ. اولا، يجب فهم مميزات ظاهرة جفاف العين والتعرف على طرق علاجها.

ما هو سبب جفاف العين؟

هناك العديد من العوامل التي يمكن ان تضر بوظائف الدموع السليمة وقدرتها على حماية العين.

1. تضرر احد مكونات الدموع – نحتاج للدموع ليس فقط للبكاء. افراز الدموع المستمر يحدث كل الوقت، وهو امر حيوي للحفاظ على صحة العين. تتكون الدموع  من ثلاثة مكونات رئيسية: الماء، الدهون وطبقة بروتينات المرتبطة بوحدات السكر (جليكوبروتيناتGlycoproteins).

تمنع طبقة الدهون  تبخر الدموع، وتقلل من الاحتكاك مع الجفون، الذي يحدث خلال طرف العينين. الالتهاب المزمن في الجفون يمكن ان يؤدي الى تغيير في تكوين الدهون في الدموع، مما يسبب  عدم ثبات طبقة الدموع وزيادة تبخرها.

يتم انتاج الماء الموجود في الدموع بواسطة غدد الدموع. هناك اهمية كبيرة للحجم السليم للدموع، الضروري لغسل العين المستمر من الاجسام الغريبة، ومنتجات الايض في الخلايا المبطنة للسطح الامامي من العين. انخفاض حجم الدموع يمكن ان يحدث عند الاصابة بامراض غدد الدموع، مثل متلازمة سيوجرن.

طبقة الجليكوبروتينات تنتجها خلايا خاصة في الصلبة (الملتحمة)، وهي تساعد على التماسك بين الدموع وبين السطح الامامي للعين. امراض مختلفة في الملتحمة قد تضر ايضا هذه الطبقة.

2. انخفاض حساسية القرنية – القرنية هي النسيج الامامي للعين وعن طريقها تدخل اشعة الضوء الى العين. يوجد في القرنية عدد كبير من الالياف العصبية الحسية. التعصيب الحسي للقرنية ينقل المعلومات الحسية الى جذع الدماغ, الذي تخرج منه الاعصاب الواصلة الى غدد الدموع والى الجفون. ولذلك، الاحساس السليم للقرنية مهم للافراز المستمر للدموع وكذلك لعملية طرف العينين السليمة. حساسية القرنية هي واحدة من اهم الاليات لانتاج الدموع، وانخفاض حساسية القرنية تؤدي ايضا لانخفاض انتاج الدموع.

3. قلة طرف العينين وكبر فتحة الجفون – طرف العينين بوتيرة منخفضة يمكن ان يسبب في التبخر المفرط للدموع بسبب تكشف سطح العين لفترات طويلة نسبيا بين طرفة واخرى. امثلة على حالة التي يكون فيها انخفاض في طرف العينين واطالة الوقت الذي تنكشف فيه العين هي عند العمل المتواصل امام شاشة الحاسوب، وكذلك اثناء القيادة او القراءة.

احيانا تكون فتحة الجفون كبيرة جدا والجفون لا تغلق بشكل صحيح، مما يسبب في تبخر الدموع المفرط. امثلة على ذلك هي حالة شلل عصب الوجه، المسؤول عن اغلاق الجفون، كذلك فرط نشاط الغدة الدرقية، الذي يسبب في بروز العين وكبر فتحة الجفون الذي يسبب في زيادة التبخر.

4. تغيرات هرمونية – جفاف العين هو اكثر شيوعا لدى النساء خصوصا بعد انقطاع الطمث, نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث في هذا العمر. التغيرات في مستوى هرمون الاستروجين والبروجستيرون بعد انقطاع الطمث تسبب في الاساس لتغيرات في وظائف الغدد الدهنية في الاجفان، ولتفاقم متلازمة جفاف العين.

5. استخدام العدسات اللاصقة – استخدام العدسات اللاصقة لفترة طويلة يؤدي الى انخفاض مدى وصول الدموع الى القرنية، وانخفاض امدادات الاوكسجين اليها. كذلك العدسات اللاصقة تقلل ايضا مع مرور الوقت من حساسية القرنية، مما يسهم في تفاقم جفاف العين.

6. الادوية– يمكن لعدد كبير من الادوية ان تكون سبب جفاف العين او تفاقم حالة جفاف العيون القائمة. امثلة على ذلك هي الادوية المضادة للحساسية (مضادات – الهيستامين)، مدرات البول المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ادوية النوم، ادوية منع الحمل، مضادات الاكتئاب والمسكنات.

كيف يتم علاج جفاف العينين؟

الكشف المبكر ومعرفة المشكلة يمكن ان يساعد كثيرا في طرق التعامل مع سبب جفاف العين.

معرفة المشكلة والاعراض المذكورة اعلاه، توجب التوجه الى طبيب العائلة، الذي يمكنه المساعدة في تقديم العلاج الاولي والتوجيه لاحقا الى طبيب العيون.

بدائل الدموع ومحاليل الرطوبة (“الدموع الاصطناعية”)

هذه المحاليل تحتوي على مواد لزجة  تحسن رطوبة العين وتخفف الى حد ما من الشعور بالجفاف والحرقه. هذه يمكن الحصول عليها من الصيدليات دون وصفة طبية. هناك ايضا بدائل للدموع على شكل كريمات او هلام (محلول اكثر لزوجة من المحلول الطبيعي). هذه مناسبة للاستخدام خاصة قبل النوم وترطب العين اثناء فترة النوم.

المستحضرات المضادة للالتهابات

جفاف العين ينطوي على اضرار لسطح العين الامامي، مما يؤدي الى حدوث عملية الالتهاب المزمن المعتدل. هذا الالتهاب يزيد من الشعور بالحرقان وعدم الراحة التي تميز حالة جفاف العين. استخدام القطرات التي تحتوي على الادوية المضادة للالتهابات يمكن ان يخفف الى حد كبير من هذه الظاهرة. هذه المستحضرات تحتوي على الستيروئيدات، ويتم اعطائها فقط بوصفة طبية من قبل طبيب العيون, لفترة محدده وتحت اشراف الطبيب.

مؤخرا بدا استخدام مستحضر الذي يحتوي على السيكلوسبورين A، والذي لا يحتوي على الستيروئيدات، ووجد كفعال في علاج جفاف العين في بعض الحالات. هذا المستحضر ايضا يعطي فقط عن طريق وصفة طبية، ولكن العلاج يكون لفترات طويلة.

انسداد قنوات تصريف الدموع

في الحالات التي يكون فيها هناك نقص كبير في حجم الدموع (مثل متلازمة سيوجرن)، فيمكن سد فتحات التصريف هذه. عملية السد هي بسيطة وسهلة للتنفيذ، وتتم بواسطة استخدام سدادات السيليكون الصغيرة التي يضعها طبيب العيون في فتحات قنوات تصريف الدموع.

هذه العملية تمنع تصريف الدموع الى تجويف الانف، وتسبب في تراكم الدموع القليلة الموجودة عند المرضى الذين يعانون من الجفاف الشديد في سطح العين. هذا يؤدي الى تخفيف الجفاف والشعور بالحرقة الى درجة كبيرة.