في نشرة العلوم طريقةٌ مبتكرةٌ لقتلِ سرطانِ الثدي

علاجٌ يُوقِفُ موتَ الخلايا ويساعدُ على مكافحةِ باركنسون

صممَ باحثون علاجًا مركبًا جديدًا قادرًا على وقفِ موتِ الخلايا العصبيةِ في الدماغِ، ما قدْ يُساعدُ مستقبلًا على مكافحةِ مرضِ باركنسون.

يُعدُّ مرضُ باركنسون -المعروفُ باسمِ الشللِ الرعاش- أحدَ الاضطراباتِ التنكسيةِ العصبيةِ غيرِ المتجانسة. يعتقدُ الأطباءُ أنَّ ذلكَ المرضَ يَحدثُ من جَرَّاءِ تراكُمِ جسيماتٍ سامةٍ في الدماغ. لكنْ؛ لا يعرفُ العلماءُ على وجهِ الدقةِ السببَ الكامنَ وراءَ ذلكَ التراكُمِ، ولا الطريقةَ التي يُمكنُ إيقافُهُ بها.

في البدايةِ؛ قامَ الباحثونَ بتحليلِ العيوبِ الجينيةِ في نماذجَ خلويةٍ لأحدِ المصابينَ بمرضِ باركنسون. وجدَ الباحثونَ مجموعةً منَ العيوبِ الجينيةِ التي تُحدثُ خللًا وظيفيًّا في الميتوكوندريا؛ يؤدي ذلكَ الخللُ -الذي يَعتقدُ الفريقُ البحثيُّ أنهُ ربما يكونُ وراثيًّا- إلى زيادةٍ في تطورِ مرضِ باركنسون؛ وتسريعِ ظهورِ الأعراض.

في الماضي؛ كانَ الباحثونَ يعتقدونَ أنَّ مرضَ باركنسون اضطرابٌ لهُ نوعٌ واحد. لكنهم أدركوا بعدَ فترةٍ منَ الزمنِ أنَّ لذلكَ المرضِ أنواعًا فرعيةً مختلفة؛ وكلُّ نوعٍ له أعراضٌ خاصةٌ به؛ وأسبابٌ وراثيةٌ مختلفة.

في تلكَ الدراسةِ، فحصَ الباحثونَ نماذجَ خلويةً لمريضٍ مُصابٍ بنوعٍ فرعيٍّ منْ داءِ باركنسون المبكرِ بسببِ وجودِ طفرةٍ في جينٍ يُدعى PARK7. يعرفُ العلماءُ أنَّ وجودَ تلكَ الطفرةِ يُسببُ حدوثَ المرضِ لكنَّهمْ لا يعرفونَ آليةَ عملِ تلكَ الطفرةِ ولا كيفَ يُمكنُ أنْ تسببَ الإصابةَ بالمرض.

في تلكَ الدراسة؛ اكتشفَ الباحثونَ أنَّ تلكَ الطفرةَ تُسببُ خللًا في مجموعاتٍ منَ الخلايا العصبيةِ تُعطلُ إفرازَ بروتينِ DJ-1 مما يتَسببُ في خللٍ وظيفيٍّ في الميتوكوندريا المنتجةِ للطاقة.

ووجدَ الباحثونَ أنَّ ذلكَ الخللَ ظهرَ في البياناتِ الجينيةِ لألفينِ وسَبعِمئةٍ وعشرةٍ منَ المرضى يعانونَ منَ الشكلِ الشائعِ لمرضِ باركنسون.

وقالتِ الدراسةُ إنَّ مزيجًا منَ المركباتِ الجزيئيةِ الصغيرةِ قادرٌ علـى استعادةِ مستوياتِ البروتينِ المُعطَّلِ. علاوةً على منعِ الخلايا العصبيةِ منَ الموت.

وخلَصَ الفريقُ العلميُّ إلى أنَّ ذلكَ الاكتشافَ يفتحُ طرقًا جديدةً لمجموعةٍ كبيرةٍ منَ الأدويةِ القادرةِ على تصحيحِ مستوياتِ البروتيناتِ بهدفِ المحافظةِ على الخلايا العصبيةِ ومنعِ موتِها لدى مرضى باركنسون؛ وهوَ الأمرُ الذي قدْ يؤدِّي إلى انخفاضِ تطورِ المرضِ عندَ هؤلاءِ المرضى.

طريقةٌ مبتكرةٌ لقتلِ سرطانِ الثدي

يقولُ العلماءُ في جونز هوبكنز ميديسن وجامعةِ أكسفورد إنهمْ وجدوا طريقةً جديدةً لقتلِ بعضِ خلايا سرطانِ الثديِ البشريةِ منْ خلالِ مهاجمةِ جوهرِ آليةِ انقسامِ الخلايا بشكلٍ انتقائي.

هذهِ التقنيةُ، التي تمَّ اختبارُها حتى الآنَ فقط على الخلايا السرطانيةِ المزروعةِ في المختبرِ والمشتقةِ منَ المريض، يُمكنُ أنْ تعززَ الجهودَ للعثورِ على عقاقيرَ تقتلُ خلايا سرطانِ الثديِ في مجموعاتٍ منَ المرضى.

ويشيرُ الباحثونَ في ورقةٍ علميةٍ نُشرتْ في دوريةِ “نيتشر” إلى أنَّ تلكَ التقنيةَ “تتركُ الخلايا السليمةَ دونَ أنْ تُصابَ بأيّ أذى”.

تعتمدُ بعضُ أدويةِ السرطانِ التي يُطلقُ عليها “العلاجُ الكيميائي” على قتلِ الخلايا سريعةِ الانقسام. إلا أنَّ تلكَ لها عيوبٌ خطيرة. إذْ تُسببُ تسممًا حادًّا للخلايا، بما في ذلكَ الخلايا السليمة، مثل خلايا نخاعِ العظامِ سريعةِ التكاثر، إلى جانبِ الخلايا السرطانية.

ومنَ المعروفِ أنَّ السرطانَ يَنجُمُ عنِ الانقسامِ المفرطِ في الخلايا. لا ينجمُ عن ذلكَ الانقسامِ السرطانُ فحسب؛ بلْ يؤدي أيضًا إلى زيادةِ الطفراتِ الجينية، الأمرُ الذي ينجُمُ عنهُ تطوُّرُ السرطانِ بصورةٍ أكثرَ شراسة.

بحثَ الفريقُ العلميُّ عنْ آلياتِ انقسامِ الخلايا الخاصةِ بالخلايا السرطانيةِ في مجموعةٍ متنوعةٍ منَ الخلايا المزروعةِ في المختبر. ليجدوا سلسلةً من خلايا سرطانِ الثديِ البشريةِ التي تعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على الهياكلِ الخَلَويةِ للانقسامِ والبقاءِ على قيدِ الحياة.

 تُسمى تلكَ الخلايا بالمُريكزات؛ وهيَ نوعٌ منْ أنواعِ العضياتِ الخلويةِ لها شكلٌ أسطوانيٌّ، وتتكونُ في الأساسِ منْ بروتينٍ يُسمى “تيوبيولين”.

وتعملُ “المريكزات” كنواةٍ بنيويةٍ تُنظمُ أنابيبَ رفيعةً منَ البروتيناتِ تُعطي الخلايا شكلَها وتساعدُ على فصلِ الحمضِ النوويِّ عندما تنقسمُ الخلية؛ وعلى الرغمِ منْ أنَّ بعضَ الأنواعِ منَ الخلايا التي يُمكنُ أنْ تنقسمَ من دونِها؛ إلا أنَّ خلايا سرطانِ الثديِ المزروعةَ في المختبرِ هذهِ لا تستطيعُ ذلك.

أظهرَ التحليلُ الدقيقُ أنَّ خلايا سرطانِ الثديِ المعتمدةَ على المريكزاتِ تحتوي على جزءٍ منَ الجينومِ تمَّ نسخُهُ بشكلٍ غيرِ طبيعيٍّ عدةَ مرات، وهوَ تغييرٌ موجودٌ في حوالَي تسعةٍ بالمئةِ منْ سرطاناتِ الثدي.

ودرسَ الباحثونَ الجيناتِ المشفرةَ في المنطقةِ التي تمَّ نسخُها بشكلٍ كبيرٍ، ووجدوا مستوياتٍ عاليةً منْ بروتينٍ يسمى TRIM37  يتحكمُ بشكلٍ كبيرٍ في عمليةِ الانقسام.

بعدَ ذلكَ، اختبرَ الباحثونَ طريقةً للتدخلِ في عمليةِ انقسامِ الخلايا عبرَ تعطيلِ ذلكَ البروتينِ الذي يقومُ بدورٍ في صناعةِ المُريكزاتِ المسؤولةِ عنْ تعزيزِ عمليةِ الانقسامِ في الخلايا السرطانية.

استخدمَ الباحثونَ عقارًا تجريبيًّا يسمى PLK4. لا يقومُ ذلكَ العقارُ بتثبيطِ البروتينِ فحسب؛ بل يعملُ أيضًا على إزالةِ المرتكزاتِ الموجودةِ في خلايا السرطان.

وحينَ أضافَ الباحثونَ الدواءَ إلى خلايا سرطانِ الثديِ المزروعةِ في المختبرِ؛ لمْ تعدْ تلكَ الخلايا قادرةً على الانقسامِ؛ وتوقفَ معظمُها عنِ النموِّ ومات.

الجديرُ بالذكرِ أنَّ تلكَ الطريقةَ “انتقائيةٌ” بالأساس؛ إذْ إنَّ ذلكَ المركبَ لا يعملُ إلا على الخلايا السرطانيةِ التي تحتوي على مستوياتٍ عاليةٍ منَ البروتينِ المحفِّز للانقسام؛ وتتركُ الخلايا السليمةَ دونَ إصابتِها بأيّ نوعٍ منْ أنواعٍ الأذى.

 “بكتيريا نافعة” تُسهِمُ في علاجِ إكزيما الأطفال

توصلتْ دراسةٌ أجرتْها المعاهدُ الوطنيةُ للصحةِ إلى أنَّ استخدامَ علاجٍ تجريبيٍّ جديدٍ يَهدفُ إلى تعديلِ ميكروبيوم الجلدِ يُقللُ بشكلٍ آمنٍ منْ شدةِ مرضِ الإكزيما الجلديةِ ويَزيدُ منْ جودةِ الحياةِ للأطفالِ الذينَ تقلُّ أعمارُهم عنْ ثلاثِ سنوات.

ووَفقَ دراسةٍ منشورةٍ في دوريةِ “ساينس ترانسيشنال ميديسن”؛ فإنَّ تلكَ الطريقةَ أسهَمَتْ في منعِ الإكزيما منَ الظهورِ لمدةِ ثمانيةِ أشهُرٍ بعدَ توقُّفِ العلاج.

التهابُ الجلدِ التأتُّبي، المعروفُ باسمِ الإكزيما، هوَ مرضٌ جلديٌّ التهابيٌّ مزمن، يتسببُ في جفافِ الجلدِ والحكةِ والطفحِ الجلدي. ويُعدُّ أكثرَ شيوعًا عندَ الأطفالِ، ويرتبطُ بزيادةِ خطرِ الإصابةِ بالربوِ وحمى القشِّ وحساسيةِ الطعام.

في حينِ أنَّ العلاجاتِ المتاحةَ يمكنُ أنْ تساعدَ في إدارةِ أعراضِ الإكزيما، إلا أنَّ الخياراتِ الحاليةَ قدْ تكونُ مكلِّفة، ويتطلبُ الكثيرُ منها تناوُلَ عددٍ منَ العلاجاتِ بصورةٍ يوميةٍ متكررة.

يحتوي الدواءُ التجريبيُّ الجديدُ على بكتيريا منْ نوعِ Roseomonas وهيَ بكتيريا موجودةٌ في الغشاءِ المخاطيِّ ويمكنُها أنْ تنموَ على الجلدِ بأمان.

وفي تجربةٍ سريرية؛ وضَعَ الباحثونَ تلكَ البكتيريا بشكلٍ دوريٍّ على مناطقَ منْ جلدِ المصابينَ بالإكزيما.

وقالَ الباحثونَ إنَّ تلكَ البكتيريا أسهمتْ في الحدِّ منْ أعراضِ الإكزيما؛ والشفاءِ بشكلٍ كاملٍ في بعضِ الحالات.

شملتِ التجربةُ عشرينَ طفلًا يعانونَ منْ إكزيما خفيفةٍ إلى شديدةٍ تتراوحُ أعمارُهم بينَ ثلاثةِ أعوامٍ وستةَ عشَرَ عامًا.

وقامَ الباحثونَ برشِّ المناطقِ المصابةِ منْ جلدِ الأطفالِ بمحلولٍ مكوَّنٍ منْ ماءِ السكرِ يحتوي على تلكَ البكتيريا.

وبالنسبةِ لأولِ خمسةَ عشَرَ طفلاً مسجلينَ في الدراسة، تمتْ زيادةُ جرعةِ البكتيريا تدريجيًّا كلَّ شهر. تلقى آخرُ خمسةِ أطفالٍ تمَّ تسجيلُهُم الجرعةَ نفسَها طوالَ فترةِ العلاجِ التي استمرتْ أربعةَ أشهُر. ولاحظَ الباحثونَ أنَّهُ بغضِّ النظرِ عنْ إستراتيجيةِ الجرعات، لمْ تُنسبْ آثارٌ جانبيةٌ خطيرةٌ للعلاج.

وتحسَّنَ سبعةَ عشَرَ طفلًا من عشرين، بنسبةِ خمسينَ بالمئةِ بعدَ العلاج. وحدثَ التحسُّنُ في جميعِ مناطقِ الجلدِ المعالَجة، وذلكَ يشملُ المرفقينِ والركبتينِ واليدينِ والجذعَ والرقبة.

ولاحظَ العلماءُ أيضًا تحسُّنًا وظيفيًّا في الحاجزِ الواقي للبشرةِ – قدرتِها على حبسِ الرطوبةِ ومنعِ مسبِّباتِ الحساسية.

بالإضافةِ إلى ذلكَ، احتاجَ معظمُ الأطفالِ إلى عددٍ أقلَّ منَ الستيرويدات القشريةِ لإدارةِ الأكزيما لديهِم، وعانَوا منْ حكةٍ أقل، وأبلغوا عنْ نوعيةِ حياةٍ أفضلَ بعدَ العلاج.

واستمرتْ هذهِ الفوائدُ بعدَ انتهاءِ العلاج، إذْ بقيتْ سلالاتُ البكتيريا العلاجيةِ على الجلدِ مدةً تصلُ إلى ثمانيةِ أشهر.

ووجدَ الباحثونَ أيضًا أنَّ الجلدَ المُعالَجَ زادَ منْ تنوُّعِهِ الميكروبي؛ وقللَ منْ مستوياتِ المكوراتِ العنقوديةِ الذهبية؛ وهيَ بكتيريا معروفةٌ تتسببُ في تفاقُمِ الإكزيما.

المصدر: https://www.scientificamerican.com/arabic/podcasts/60-second-science/in-science-news-innovative-way-to-kill-breast-cancer/